في تطور جديد يشير إلى تحولات استراتيجية في إدارة سوق العمل السعودي، أعلنت الجهات المعنية في المملكة عن إطلاق أضخم حملة لترحيل الوافدين العاطلين عن العمل، في خطوة تهدف إلى تعزيز توظيف المواطنين وتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية غير المنتجة. وتأتي هذه الحملة تماشيًا مع رؤية المملكة 2030 التي تركز على تمكين الكفاءات الوطنية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من القطاعات الحيوية. ووفقًا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء، شهدت معدلات البطالة بين المواطنين السعوديين تراجعًا ملحوظًا لتصل إلى 8% بنهاية الربع الأخير من عام 2022، مقارنة بـ9.9% في الربع السابق. ويعد هذا الانخفاض نتيجة مباشرة للبرامج الوطنية التي تقودها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتعزيز التوظيف وتحقيق الاستقرار المهني للشباب السعودي. وفي المقابل، كشفت التقارير الرسمية عن انخفاض معدل البطالة الإجمالي (الذي يشمل المواطنين والمقيمين) إلى 4.8%، ما يعكس تراجعًا حادًا في عدد الوافدين غير المرتبطين بعقود عمل نظامية، وهم الفئة المستهدفة بالحملة الجديدة. وتهدف هذه المبادرة إلى معالجة المخالفات العمالية، وتحسين بيئة العمل، وضمان عدم وجود وافدين عاطلين عن العمل أو مقيمين بطريقة غير نظامية.
أسباب الحملة ودوافعها الاقتصادية
ترتكز الحملة على عدة مبررات استراتيجية واقتصادية، أبرزها:
تحقيق التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل، ومنح الأفضلية للكفاءات الوطنية المؤهلة.
مكافحة التستر التجاري وتقليص السوق غير النظامية التي تضر بالاقتصاد الوطني.
تحسين الأمان الوظيفي وزيادة الثقة في بيئة العمل داخل القطاعين العام والخاص.
تقليل الضغط على الخدمات العامة التي تستهلكها العمالة الوافدة غير النظامية.
السعودية تطلق أضخم حملة لترحيل العاطلين عن العمل.. تفاصيل القرار وتأثيره على سوق العمل
تأثير القرار على الجاليات المقيمة في المملكة
أثار القرار جدلاً واسعًا في أوساط الجاليات المقيمة، لا سيما تلك التي تواجه صعوبات في العثور على فرص عمل مستقرة. ومع تطبيق الحملة، سيتم تنفيذ آلية التحقق من عقود العمل وتصاريح الإقامة، حيث يُطلب من كل وافد إثبات ارتباطه بوظيفة رسمية. وفي حال عدم وجود هذا الارتباط، يُرحل العامل بشكل فوري دون الحاجة لإجراءات قانونية طويلة. من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى تقليل الكثافة السكانية في بعض المدن، وتخفيف الضغط على المرافق الصحية والتعليمية، إضافة إلى رفع كفاءة العمالة داخل المملكة.
تحسين التوطين وتحفيز المواطنين على العمل
أوضحت وزارة الموارد البشرية أن أحد أبرز أهداف الحملة هو تسريع وتيرة التوطين، خاصة في القطاعات الحيوية مثل البيع بالتجزئة والخدمات، والتي كانت تعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية. وأكدت الوزارة على توفر برامج تأهيل وتدريب للمواطنين لضمان جاهزيتهم لشغل الوظائف التي سيتم تحريرها نتيجة هذه الحملة. كما دعت الوزارة أصحاب العمل إلى مراجعة أوضاع العمالة لديهم، وتصحيح أي مخالفات لضمان الالتزام الكامل بالأنظمة المعمول بها، لتفادي الغرامات أو المساءلة القانونية.
مؤشرات النجاح وماذا بعد؟
منذ بداية عام 2022، تشير الأرقام الرسمية إلى تحسن كبير في أداء سوق العمل السعودي، تمثل أبرز ملامحه في:
انخفاض معدل البطالة بين السعوديين إلى 8% مقارنة بـ11% في 2021.
تحسن مشاركة المرأة في سوق العمل، حيث انخفضت بطالة الإناث من 20.5% إلى 15.4%.
ارتفاع نسبة السعوديين الراغبين في العمل بالقطاع الخاص إلى 94.1%.
ومع استمرار هذه الحملة ومراجعة دائمة لبيانات العمالة المقيمة، تتوقع الجهات الرسمية تحقيق أهداف رؤية 2030 في خفض معدل البطالة إلى ما دون 7%، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية واقتصادية عالمية.