في تطور لافت يعكس التوجهات الحاسمة للمملكة نحو إصلاح سوق العمل وتوطينه، بدأت الجهات المعنية في السعودية تنفيذ أكبر حملة ترحيل تستهدف المقيمين العاطلين عن العمل، وذلك ضمن سلسلة من الإجراءات المرتبطة بتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. وقد تم هذا التحرك بعد إعلان الهيئة العامة للإحصاء عن تراجع معدل البطالة بين المواطنين السعوديين إلى 8% بنهاية الربع الأخير من عام 2022، مقارنة بنسبة 9.9% في الربع الذي سبقه. هذا الانخفاض في معدل البطالة جاء متزامنًا مع ثبات معدل المشاركة في القوى العاملة عند 52.5%، وهو ما يُعد مؤشرًا إيجابيًا على فاعلية السياسات الحكومية في تعزيز التوظيف، وتوفير فرص عمل حقيقية للمواطنين، مع الالتزام بضبط سوق العمل وتنظيم الإقامة للمقيمين العاملين.
قرارات صارمة بحق العاطلين عن العمل
وفقًا لتقارير رسمية، فقد بدأت وزارة الموارد البشرية بالتعاون مع الجوازات السعودية والجهات الأمنية المختصة في تنفيذ حملات ميدانية موسعة تهدف إلى رصد المقيمين غير الملتزمين بشروط العمل أو الذين لا يحملون عقودًا موثقة. وتشمل هذه الحملة:
ترحيل فوري لكل من يثبت عدم ارتباطه بعقد عمل نظامي.
تشديد الرقابة على المؤسسات التي توظف العمالة بشكل غير نظامي.
مراجعة بيانات المقيمين المسجلين في أنظمة الموارد البشرية.
منح مهلة محدودة لتحديث أوضاع العمالة المخالفة.
السعودية تطلق أكبر حملة لترحيل العاطلين عن العمل.. توجه جديد لتعزيز سوق العمل الوطني
مؤشرات تحسن سوق العمل السعودي
انخفض معدل البطالة بين السعوديين بشكل ملحوظ من 11% في نهاية عام 2021 إلى 8% بنهاية 2022، أي بمعدل انخفاض بلغ ثلاث نقاط مئوية خلال عام واحد. كما انخفضت البطالة بين النساء من 20.5% إلى 15.4%، وهو ما يعكس نجاح السياسات الداعمة لتمكين المرأة وزيادة مشاركتها في سوق العمل، والتي بلغت 36% رغم التراجع الطفيف في بعض القطاعات. وبحسب الهيئة العامة للإحصاء، بلغ معدل البطالة الإجمالي (للمواطنين والمقيمين) 4.8%، وهو أدنى مستوى منذ بدء رصد البيانات عام 1999، ما يعكس استقرار سوق العمل وتنوع فرص التوظيف. كما أظهرت البيانات ارتفاع نسبة السعوديين المستعدين للعمل في القطاع الخاص إلى 94.1%، ما يشير إلى تحسن الوعي المهني وتغير النظرة إلى سوق العمل غير الحكومي.
دوافع القرار وتأثيراته المحتملة
جاءت هذه الحملة في وقت تسعى فيه المملكة إلى إعادة تنظيم سوق العمل وضمان أن تذهب فرص التوظيف إلى مستحقيها الحقيقيين. وتهدف هذه الخطوة إلى:
خفض معدلات التستر التجاري.
تحقيق العدالة في توزيع الوظائف بين السعوديين والمقيمين.
تحسين بيئة العمل وتحفيز الاقتصاد المحلي.
دعم رؤية المملكة 2030 في تنويع مصادر الدخل.
ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات ستسهم في تسريع وتيرة التوطين وتوفير وظائف أكثر استدامة للمواطنين، مع ضبط عملية استقدام العمالة الأجنبية لتتناسب مع حاجة السوق الحقيقية، وليس وفقًا لعشوائية العقود السابقة. وفي ختام التقرير، يتضح أن الحملة الحالية ليست مجرد إجراء إداري، بل هي جزء من خطة استراتيجية لإعادة رسم خارطة التوظيف بالمملكة، بما يتماشى مع متطلبات المرحلة المقبلة وتحقيق التوازن بين مصلحة المواطن واحتياجات السوق.