تعزيز العلاقات المصرية الزامبية في إطار التعاون الإفريقي الأوروبي
شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل لقاءً مهمًا جمع بين وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي ونظيره الزامبي مولامبو هايمبي، على هامش الاجتماع الوزاري المشترك بين الاتحادين الأفريقي والأوروبي. جاء اللقاء في توقيت استراتيجي يعكس رغبة البلدين في دفع العلاقات الثنائية نحو مستويات أعمق من التعاون، خاصة في المجالات الاقتصادية والتنموية.
خريطة تعاون مشترك تتجاوز اللقاءات البروتوكولية
اتفق الجانبان على ضرورة تحويل الزخم الذي شهدته العلاقات بين مصر وزامبيا مؤخرًا إلى خطة عمل تنفيذية واضحة تشمل قطاعات محورية كالبنية التحتية والطاقة والزراعة والصحة. ويُعد هذا التحول من الخطاب السياسي إلى التنفيذ العملي خطوة تعكس نضج العلاقة بين القاهرة ولوساكا، خاصة بعد الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الزامبي إلى مصر في فبراير 2025.
أولويات التعاون الجديدة تشمل:
- توسيع مشروعات الطاقة المتجددة ضمن استراتيجية الاستدامة البيئية للطرفين.
- إطلاق مبادرات مشتركة في القطاع الزراعي لتعزيز الأمن الغذائي في أفريقيا.
- تنمية قطاع الصحة عبر برامج تدريبية مصرية للأطقم الطبية الزامبية.
تنشيط التبادل التجاري عبر “الكوميسا”
سلّط وزير الخارجية المصري الضوء على أهمية تعظيم الاستفادة من عضوية البلدين في تجمع السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (COMESA)، مشيرًا إلى أن ذلك يمثل بوابة مثالية لتعزيز التكامل الإقليمي وزيادة حجم التبادل التجاري. كما ناقش الوزيران آليات تيسير دخول المنتجات المصرية إلى الأسواق الزامبية، وهو ما يفتح آفاقًا أمام القطاع الخاص والمستثمرين من الجانبين.
المقاولون العرب نموذج ناجح للتعاون الإنشائي
في إطار التعاون العملي، نوّه عبد العاطي بالدور الذي تلعبه شركة المقاولون العرب، إحدى كبرى الشركات الإنشائية المصرية، في تنفيذ مشروعات بنية تحتية حيوية داخل زامبيا، بالتنسيق مع وزارة البنية التحتية الزامبية. هذا النموذج الناجح يعكس الثقة المتبادلة والمكانة الفنية المرموقة للكوادر المصرية في السوق الإفريقية.
صحة وتنمية بشرية: أولوية مشتركة
لم يغفل اللقاء أهمية الصحة العامة كأحد أركان التنمية المستدامة. حيث أشاد الوزيران بالتقدم المحرز في التعاون الطبي بين البلدين، لا سيما في تبادل الخبرات والتدريب، وهو ما يُعد أحد عناصر التمكين الصحي للدول النامية وفقًا لأجندة الاتحاد الإفريقي 2063.
العمل الدبلوماسي المتكامل داخل المحافل الإقليمية
اتفق الطرفان على أهمية تعزيز التنسيق داخل الأطر الدبلوماسية الإقليمية والدولية، خاصة داخل أروقة الاتحاد الإفريقي. وتم التأكيد على أن تقارب وجهات النظر بين مصر وزامبيا يمكن أن يسهم في دعم قضايا القارة، خصوصًا في مجالات الأمن الغذائي والتغير المناخي والتنمية المستدامة.
آفاق مستقبلية لشراكة استراتيجية طويلة الأمد
في ختام الاجتماع، عبّر الوزيران عن تطلعهما إلى تعزيز الشراكة بين مصر وزامبيا لتشمل مجالات جديدة، أبرزها الاقتصاد الرقمي، التحول الأخضر، والتعليم الفني. كما شددا على أن تعميق هذه الشراكة لا يقتصر على الحكومات فقط، بل يشمل أيضًا التعاون بين القطاع الخاص، والجامعات، والمجتمع المدني.
هذا اللقاء يؤكد أن العلاقات المصرية الزامبية تجاوزت مرحلة التعاون التقليدي، لتدخل حقبة جديدة عنوانها الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وهي خطوة تتماشى مع التوجه المصري نحو تعزيز التعاون الإفريقي والانفتاح على الشركاء في القارة بما يخدم الأمن والاستقرار والتنمية.