في خطوة تاريخية طال انتظارها، أعلنت المملكة العربية السعودية بدء تطبيق التعديلات على المادة 61 من نظام العمل، إيذانًا بمرحلة جديدة في سوق العمل السعودي تُنهي بشكل فعلي مفاهيم الكفالة التقليدية، وتعزز من حقوق العمالة الوافدة داخل المملكة. ويُعد هذا القرار بمثابة انفراجة كبيرة للمغتربين والمقيمين الذين لطالما نادوا بتحديث أنظمة العمل بما يضمن بيئة أكثر عدالة وإنصافًا، ويُعيد التوازن إلى العلاقة بين العامل وصاحب العمل.
ما الذي تنص عليه المادة 61 بعد تعديلها؟
وفقًا للبيان الرسمي الصادر عن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، فإن التعديلات على المادة 61 تُلزم أصحاب العمل بعدد من الالتزامات الجوهرية تجاه العمال، أبرزها:
منع تشغيل العامل عنوة أو استخدامه في أعمال السخرة.
حظر احتجاز أجور العمال أو تأخيرها دون وجود سند قانوني أو قضائي.
ضرورة معاملة العامل باحترام، والامتناع عن أي قول أو فعل يمس كرامته أو معتقداته الدينية.
توفير وقت كافٍ للعمال لممارسة حقوقهم المشروعة دون خصم من الأجر.
التعاون الكامل مع الجهات الرقابية المختصة بتنفيذ أحكام نظام العمل.
وتنص المادة أيضًا على ضرورة منع أي شكل من أشكال التمييز أثناء التوظيف أو في بيئة العمل، سواء كان على أساس العرق، اللون، الجنس، السن، الإعاقة، أو الحالة الاجتماعية، مما يعزز مفهوم المساواة في سوق العمل. فرحة عارمة للمغتربين.. السعودية تبدأ رسميًا تطبيق المادة 61 لتحرير العمالة الوافدة من عصر الكفالة
إجراءات إضافية لتعزيز كرامة العامل الوافد
لم تقف التعديلات عند الحقوق الأساسية فقط، بل ألزمت أصحاب العمل بتوفير السكن اللائق ووسائل نقل مناسبة أو بدل مالي يكافئ ذلك، في خطوة تعكس التوجه الرسمي نحو تحسين ظروف المعيشة للوافدين، ومواءمتها مع المعايير الدولية.
منهجية علمية ومشاركة مجتمعية وراء التعديلات
أوضحت وزارة الموارد البشرية أن التعديلات جاءت بعد دراسة شاملة شارك فيها أكثر من 1300 شخص من أصحاب العلاقة، إلى جانب مراجعات مقارنة مع أنظمة العمل في الدول المتقدمة. وشملت المراجعة تعديل 38 مادة، وحذف 7 مواد، وإضافة مادتين جديدتين، في إطار سعي الوزارة لخلق سوق عمل أكثر توازنًا ومرونة.
تحقيق التوازن بين أطراف العلاقة التعاقدية
تهدف هذه التعديلات إلى خلق بيئة عمل جاذبة وآمنة، وتعزيز الاستقرار الوظيفي للعمالة الوافدة، وهو ما ينعكس إيجابًا على بيئة الأعمال في السعودية، ويدعم جهود الحكومة لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. وتؤكد وزارة الموارد البشرية أن التعديلات تتوافق مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة، ما يجعلها جزءًا من استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى تحديث سوق العمل السعودي بما يتماشى مع المعايير العالمية.
نهاية الكفالة.. بداية جديدة للمقيمين
يُنظر لتطبيق المادة 61 كتتويج لمسار الإصلاحات التي أطلقتها السعودية خلال السنوات الماضية، والتي شملت تحسين أنظمة الإقامة، والتنقل الوظيفي، وإلغاء شرط الكفيل في العديد من المهن. ويمثل القرار خطوة عملية نحو ترسيخ مبدأ حرية العمل والتنقل، وضمان كرامة العامل وحقوقه. ومن المتوقع أن تُحدث هذه التعديلات تأثيرًا إيجابيًا على المجتمع العمالي في المملكة، وتُعزز ثقة الوافدين في الأنظمة السعودية، ما يُسهم في جذب المزيد من الكفاءات والاستثمارات البشرية عالية الجودة.