كشفت النشرة الإحصائية الربعية الصادرة عن الهيئة العامة للنقل في السعودية عن مفاجأة مدوية تتعلق بتوسع غير مسبوق في مشاركة السعوديات بسوق تطبيقات التوصيل. فبحسب الأرقام الرسمية، بلغ عدد السائقات النشيطات المسجلات في تطبيقات نقل الركاب وتوصيل الطلبات خلال الربع الأول من عام 2025 نحو 13,200 سائقة، في قفزة تمثل زيادة بنسبة تفوق 70% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. هذه الأرقام لم تأتِ من فراغ، بل تعكس تحولات اجتماعية واقتصادية عميقة، وتؤكد نجاعة الخطط الحكومية لتمكين المرأة، ودعم الاقتصاد التشاركي عبر توظيف التكنولوجيا وفتح آفاق العمل الحر والمرن.
ارتفاع ملحوظ في الدخل: متوسط 4800 ريال شهريًا
أفادت البيانات الرسمية بأن متوسط الدخل الشهري للسائقات العاملات في تطبيقات النقل الذكي بلغ نحو 4,800 ريال سعودي، مع تسجيل بعض السائقات في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام دخولًا شهرية تجاوزت 7,000 ريال. ويتفاوت الدخل بحسب عدد ساعات العمل ونوع الطلبات والموقع الجغرافي، ما يعكس المرونة الكبيرة التي توفرها هذه المهنة.
ما وراء النمو: عوامل دفعت السعوديات لدخول سوق التوصيل
يرى التقرير أن هذا التطور اللافت جاء نتيجة حزمة من العوامل التحفيزية، أبرزها:
سهولة الانضمام إلى تطبيقات التوصيل عبر إجراءات إلكترونية مبسطة.
حوافز مالية وتأمينية مقدمة من الشركات، تشمل خدمات صيانة مخفضة ومكافآت شهرية.
جهود حكومية فاعلة لدعم ريادة الأعمال النسائية وتمكين المرأة اقتصاديًا.
برامج تدريب وتأهيل متخصصة عززت من كفاءة السائقات الجدد.
حملات توعية اجتماعية ساهمت في تغيير الصورة النمطية عن عمل المرأة في هذا القطاع.
وقد تم تنظيم ورش عمل شملت مهارات القيادة الآمنة، استخدام تطبيقات التوجيه والملاحة، وتعزيز ثقافة خدمة العملاء، ما أسهم في رفع جاهزية المشاركات وزيادة معدل استمراريتهن في العمل. قفزة نوعية.. أكثر من 13 ألف سعودية يعملن في تطبيقات التوصيل خلال 2025 ومتوسط دخل يصل لـ7 آلاف ريال
انعكاس اجتماعي واقتصادي لتغير النظرة تجاه الوظائف المرنة
يرى خبراء الاقتصاد أن هذه الأرقام تمثل مؤشرًا واضحًا على تحول مجتمعي حقيقي تجاه طبيعة الوظائف، وتُبرز قدرة السعوديات على كسر القيود التقليدية والانخراط في مجالات عمل جديدة كانت في السابق مقتصرة على الرجال. كما أن هذا التحول يعزز من مفهوم الاقتصاد التشاركي الذي يتبناه النموذج الاقتصادي الحديث للمملكة ضمن رؤية 2030. ويتوقع محللون استمرار هذا النمو في أعداد السائقات خلال النصف الثاني من 2025، خاصة مع التوسع الجغرافي لتطبيقات التوصيل، وزيادة الاعتماد المجتمعي على هذه المنصات في الحياة اليومية.
الهيئة العامة للنقل: تنظيم فعّال لضمان بيئة آمنة
بدورها، أكدت الهيئة العامة للنقل استمرارها في تطوير بيئة تنظيمية متكاملة لضمان حقوق السائقين والسائقات، من خلال إصدار التراخيص اللازمة، وتطبيق المعايير الفنية، ورقابة أداء الشركات العاملة في المجال، بما يضمن سلامة جميع أطراف المنظومة. كما أشارت الهيئة إلى أهمية تحفيز مشاركة المرأة في سوق العمل من خلال حلول مرنة، تتماشى مع متطلبات العصر، وتمنح خيارات متنوعة تساهم في الاستقلال المالي وتعزيز جودة الحياة.
المرأة السعودية: من قيادة السيارة إلى قيادة التحول الاقتصادي
منذ السماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية عام 2018، شهدت المملكة نقلة نوعية في تمكين المرأة. واليوم، تظهر هذه الأرقام تطورًا ملموسًا في انخراط السعوديات في قطاع النقل والتوصيل، ليس فقط كسائقات، بل كمساهمات فعالات في الاقتصاد المحلي وسيدات أعمال مستقلات. تعد هذه الظاهرة مؤشرًا على ديناميكية السوق السعودي، وسرعة استجابة المواطنين والمواطنات لفرص العمل الجديدة، وقدرتهم على التكيف مع متغيرات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي. ولمزيد من المعلومات، يمكن الاطلاع على النشرة الإحصائية عبر الموقع الرسمي للهيئة: الهيئة العامة للنقل.