لبنان في قبضة الأزمة المالية.. مصرف لبنان يشدّد القيود على السحب النقدي بينما يعاني المواطنون

تشهد لبنان واحدة من أصعب الأزمات المالية في تاريخها الحديث، حيث تتوالى القرارات الصارمة من مصرف لبنان في محاولة يائسة للسيطرة على الوضع المتدهور. في مايو 2025، وصلت الأزمة إلى ذروتها مع إصدار تعليمات جديدة تقيد سقوف السحب النقدي بشكل غير مسبوق، مما ترك آلاف العائلات اللبنانية عاجزة عن تلبية أبسط احتياجاتها اليومية.

القرارات الصادمة: من 500 دولار إلى 250 دولار شهريًا

أصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً (رقم 166) يخفض سقف السحب الشهري من 500 دولار إلى 250 دولار فقط، وذلك بعد أشهر قليلة من تعميم سابق (رقم 158) كان قد حدد السقف عند 500 دولار. هذه القرارات تأتي ضمن سلسلة من الإجراءات المتتالية التي تهدف إلى:
  • الحفاظ على ما تبقى من احتياطي العملات الأجنبية
  • الحد من الضغط على سعر صرف الليرة
  • تنظيم تدفق النقد في السوق
لبنان في قبضة الأزمة المالية.. مصرف لبنان يشدّد القيود على السحب النقدي بينما يعاني المواطنون
لبنان في قبضة الأزمة المالية.. مصرف لبنان يشدّد القيود على السحب النقدي بينما يعاني المواطنون

الجذور العميقة للأزمة: لماذا وصل لبنان إلى هذه الحالة؟

تحليل الخبراء الاقتصاديين يشير إلى أن أزمة السيولة الحالية ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج تراكمات سنوات من:
  • تراجع حاد في تحويلات المغتربين بسبب فقدان الثقة في النظام المصرفي
  • تهريب ممنهج لرؤوس الأموال إلى الخارج عبر قنوات غير رسمية
  • استنزاف الاحتياطي النقدي لتمويل الواردات الأساسية
  • تفاقم الدين العام وتراجع الإنتاج المحلي

يوميات المواطن اللبناني: معاناة لا تنتهي

على الأرض، تتحول الأزمة المالية إلى كابوس يومي للبنانيين. تقول سارة (32 عاماً)، معلمة: “أصبحت أختار بين شراء الدواء لوالدتي المريضة أو دفع إيجار المنزل. 250 دولار لا تكفي حتى لربع احتياجاتنا”. أما علي (45 عاماً)، صاحب متجر صغير، فيضيف: “المشكلة ليست فقط في المبلغ، بل في عدم القدرة على سحبه عندما أحتاجه. أقف في طوابير من الفجر وقد أعود خالي الوفاض”.

هل من أفق للحلول؟ مقترحات الخبراء لإنقاذ الوضع

رغم قتامة المشهد، يطرح خبراء اقتصاد عدة حلول قد تساعد في تخفيف الأزمة:
الحل المقترح التأثير المتوقع
إصلاح النظام المصرفي بشكل جذري استعادة ثقة المغتربين وزيادة التحويلات
تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة ضخ عملات أجنبية جديدة للاقتصاد
إعادة هيكلة الدين العام تخفيف الضغط على الموازنة العامة
تنشيط القطاع الإنتاجي تقليل الاعتماد على الواردات

مستقبل غامض: توقعات اقتصادية متباينة

بينما يتوقع بعض المحللين استمرار التدهور في المدى القريب، يشير آخرون إلى بوادر أمل، خاصة مع تصريحات بعض الجهات الدولية عن استعدادها لمساعدة لبنان شرط البدء بإصلاحات حقيقية. يبقى السؤال الأكبر: هل ستكون الإرادة السياسية موجودة لتنفيذ هذه الإصلاحات قبل فوات الأوان؟ في النهاية، تظهر الأزمة اللبنانية كمثال صارخ على كيف يمكن لتراكم الأخطاء الاقتصادية أن يؤدي إلى انهيار شامل، وكيف أن الحلول تتطلب أكثر من مجرد إجراءات تقنية، بل إرادة سياسية وشعبية للتغيير.