مصر تطلق مبادرة عالمية لدعم أصحاب الأمراض النادرة بمشاركة دولية واسعة

في خطوة غير مسبوقة نحو تعزيز العدالة الصحية عالميًا، أعلنت مصر عن قيادتها لمبادرة تاريخية تهدف إلى تحسين حياة أكثر من 300 مليون شخص حول العالم يعانون من الأمراض النادرة. هذه المبادرة تأتي بدعم من 28 دولة وبالشراكة مع إسبانيا، لتشكل نقلة نوعية في طريقة التعامل مع هذا التحدي الصحي المعقد.

ما هي الأمراض النادرة ولماذا تُعد أولوية صحية؟

الأمراض النادرة هي اضطرابات تؤثر على نسبة صغيرة من السكان، وغالبًا ما تكون مزمنة، معقدة، وتؤثر بشكل كبير على جودة الحياة. تشمل هذه الأمراض أكثر من 7000 حالة مختلفة، يعاني منها أطفال وبالغون في جميع أنحاء العالم. التحدي الرئيسي يتمثل في التشخيص المتأخر أو الخاطئ، إلى جانب غياب العلاجات المناسبة.

مصر في الصدارة: ما الجديد في المبادرة الدولية؟

خلال فعالية رفيعة المستوى بجنيف على هامش الدورة 78 لجمعية الصحة العالمية، أعلن وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار أن المبادرة الجديدة تهدف إلى:

  • تعزيز النظم الصحية للتعامل مع الأمراض النادرة
  • دعم الأبحاث العلمية المتخصصة
  • ضمان الوصول العادل للتشخيص والعلاج
  • رفع الوعي المجتمعي والسياسي بهذه القضايا الصحية

وأكد الوزير أن مصر لا تكتفي بدور تنظيمي فقط، بل تُقدّم نموذجًا فعليًا عبر برامج وطنية مثل الكشف المبكر لحديثي الولادة، وفحص المقبلين على الزواج، بالإضافة إلى برامج مستدامة للكشف عن الأمراض الوراثية.

تأييد عالمي وشراكات استراتيجية

حضرت الفعالية شخصيات بارزة من المجتمع الدولي، من بينهم مدير عام منظمة الصحة العالمية، ورئيسة المنظمة العالمية للأمراض النادرة، إلى جانب مسؤولين تنفيذيين من شركات عالمية مثل أسترازينيكا وHVD.

وقد أبدت هذه الجهات دعمها الكامل للمبادرة، مع الإعلان عن مساهمات فعلية، مثل تجهيز معامل تشخيصية حديثة، وتوطين تقنيات الفحص الجيني، ما يُسهِم في التشخيص المبكر وتوفير العلاجات المناسبة.

مصر تطلق مبادرة عالمية لدعم أصحاب الأمراض النادرة بمشاركة دولية واسعة(1)
مصر تطلق مبادرة عالمية لدعم أصحاب الأمراض النادرة بمشاركة دولية واسعة(1)

نقلة نوعية في الاهتمام العالمي

للمرة الأولى، يتم الاعتراف بالأمراض النادرة كأولوية صحية على مستوى منظمة الصحة العالمية، ليس فقط في الدول الغنية، بل في جميع أنحاء العالم. ويُعد هذا القرار نتيجة مباشرة للجهود التي تقودها مصر، ليُشكّل نقطة تحول في سياسات الصحة العامة.

الدكتور خالد عبد الغفار أكد خلال كلمته أن المبادرة تمثل أكثر من مجرد تحرك سياسي، بل هي التزام إنساني يهدف لسماع صوت ملايين الأفراد الذين غالبًا ما تم تجاهل معاناتهم.

شهادات من قلب المعاناة

خلال الفعالية، شارك عدد من المرضى من مصر وإسبانيا قصصهم الشخصية مع المرض، في محاولة لإلقاء الضوء على الفجوات الموجودة في نظم الرعاية الصحية، ولتعزيز الحشد الدولي نحو تغيير فعلي وشامل.

دور القطاع الخاص في تمكين الرعاية الصحية

من جانبه، أوضح الدكتور هرمانوس فان دايم، رئيس شركة HVD، أن الشركة تدعم الجهود الحكومية من خلال تنفيذ استراتيجيات التشخيص المتقدم، وتجهيز مراكز مجهزة بالكامل للمساعدة في التشخيص والعلاج.

أما الدكتورة ثريا بكالي من شركة أسترازينيكا، فقد شددت على أهمية تسريع الابتكار الصحي بالتعاون مع الحكومات، مشيرة إلى أن العدالة الصحية لا يمكن تحقيقها دون مشاركة جميع الأطراف الفاعلة.

ختامًا: لماذا تعتبر هذه المبادرة حاسمة؟

ما تفعله مصر اليوم ليس فقط تقديم حلول آنية، بل رسم مسار جديد في السياسات الصحية العالمية. من خلال الاعتراف بالأمراض النادرة كأولوية، وتوجيه الجهود نحو التشخيص المبكر والعلاج المخصص، تتقدم الدولة في خطى ثابتة نحو نظام صحي أكثر شمولًا وإنصافًا.

هذه المبادرة لا تعني فقط المرضى في مصر، بل تمتد لتشمل مئات الملايين من الأشخاص الذين ينتظرون لسنوات أن يجدوا من يستمع إليهم ويدافع عن حقوقهم الصحية.