مصر في مواجهة إعادة تشكيل الشرق الأوسط .. رؤية استراتيجية لحماية الأمن القومي ودعم فلسطين

في ظل تصاعد التحديات الإقليمية التي تهدد استقرار منطقة الشرق الأوسط، تبرز مصر كمركز ثقل إقليمي يتصدى لمحاولات إعادة رسم خريطة المنطقة على أسس غير مستقرة. وخلال كلمته في القمة العربية الأخيرة في بغداد، أوضح الرئيس عبدالفتاح السيسي بشكل صريح التزام مصر الثابت بدعم القضية الفلسطينية ورفض أي تسوية لا تضمن إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، حتى في ظل موجة التطبيع الجارية بين بعض الدول العربية وإسرائيل.

رؤية القيادة المصرية: دعم شامل للقضية الفلسطينية

الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية، أكد في لقاء إعلامي أن مصر تتعامل مع القضية الفلسطينية كملف استراتيجي لا يحتمل التجزئة، مشيرًا إلى أن القيادة المصرية لا تكتفي بالتصريحات، بل تترجم دعمها إلى خطوات عملية، من بينها مبادرات لإعادة إعمار قطاع غزة، وتقديم الدعم اللوجستي والسياسي لمؤسسات السلطة الفلسطينية.

وأضاف فهمي أن القاهرة تتبنى موقفًا أخلاقيًا وسياسيًا متسقًا، يهدف إلى تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة، ويقوم على استعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة، بما في ذلك الحق في العودة وتقرير المصير، فضلًا عن إقامة الدولة المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

تحذيرات من مخططات خفية: مشروع “غزة الكبرى”

وفي سياق متصل، أشار طارق فهمي إلى وجود ما وصفه بـ”مخططات لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في المنطقة”، وعلى رأسها ما يسمى بـ”مشروع غزة”، الذي يستهدف ـ بحسب تقديره ـ تفريغ القطاع من سكانه، وإعادة توطينهم في مناطق أخرى، بما قد يحمل في طياته مخاطر مباشرة على الأمن القومي المصري، خاصة في شبه جزيرة سيناء.

مصر في مواجهة إعادة تشكيل الشرق الأوسط رؤية استراتيجية لحماية الأمن القومي ودعم فلسطين
مصر في مواجهة إعادة تشكيل الشرق الأوسط رؤية استراتيجية لحماية الأمن القومي ودعم فلسطين

 

هذه التحذيرات تأتي في وقت تتعرض فيه مصر لحملات إعلامية ممنهجة تستهدف النيل من موقفها، حيث أشار فهمي إلى أن هناك هجمات إعلامية متكررة من قنوات ناطقة بالعبرية تسعى لنشر الشائعات والمعلومات المغلوطة بهدف التأثير على الرأي العام المصري والعربي.

مصر حائط صد أمام المشروع الإسرائيلي

يعتبر فهمي أن مصر تشكل اليوم الحاجز الأكبر أمام محاولات فرض حلول غير عادلة في القضية الفلسطينية، مطالبًا بضرورة أن تواكب جامعة الدول العربية هذا الدور المصري بخطوات فعلية، تخرج من دائرة التصريحات إلى حيز التنفيذ.

وأشار إلى أن المفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية لا يجب أن تتم من منطلق الحاجة، بل من منطلق الندية والتوازن الاستراتيجي، خاصة أن مصر تمتلك اليوم أوراق ضغط مهمة تؤهلها للعب دور مؤثر في معادلة التوازنات الإقليمية.

ما المطلوب في المرحلة القادمة؟

  • تعزيز التنسيق العربي لدعم إقامة الدولة الفلسطينية.
  • رفض أي مشاريع تهدف إلى تهجير الفلسطينيين أو إعادة توطينهم خارج أراضيهم.
  • مواجهة حملات التشويه الإعلامي الممنهج ضد مصر.
  • استثمار علاقات مصر الإقليمية والدولية للضغط على الأطراف المتسببة في استمرار النزاع.

خاتمة: مصر تكتب معادلة توازن جديدة في الشرق الأوسط

المتابع للسياسة الخارجية المصرية اليوم يدرك أن القاهرة لم تعد مجرد طرف متفاعل في القضايا الإقليمية، بل أصبحت لاعبًا فاعلًا يرسم سياسات استباقية لمواجهة التحديات. وفي ظل المشاريع التي تهدف إلى تقسيم المنطقة أو فرض أمر واقع جديد، تبدو مصر عازمة على حماية مصالحها ومساندة الشعب الفلسطيني، ليس فقط بدافع قومي أو ديني، بل كخيار استراتيجي لضمان استقرار المنطقة بأسرها.

من خلال خطاب الرئيس السيسي ورسائل المفكرين والسياسيين المصريين، يتضح أن مصر تتحرك وفق استراتيجية متكاملة تستند إلى أسس قانونية وأخلاقية، وتراهن على وعي الشعوب العربية وصدق النوايا لتحقيق سلام عادل وشامل.