مصر تتحرك لخفض الدين العام إلى 80% من الناتج المحلي بحلول 2027
في ظل تصاعد التحديات الاقتصادية العالمية، تسعى الحكومة المصرية إلى اتخاذ خطوات استراتيجية لخفض نسبة دين أجهزة الموازنة العامة إلى نحو 80% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام المالي 2026/2027، وفق ما أكده رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي خلال كلمته بمؤتمر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار.
السياق العالمي: ضغوط مالية وتوقعات مقلقة
أوضح مدبولي أن العالم يمر بمنعطف اقتصادي حرج يتسم بارتفاع تكاليف التمويل، وتراجع توقعات النمو، وزيادة مستويات الدين العام. وتشير التقديرات الدولية إلى أن الدين العالمي سيرتفع بمقدار 2.8 نقطة مئوية إضافية بحلول عام 2025، مقتربًا من حاجز 100% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنهاية العقد.
وتُظهر بيانات المؤسسات المالية أن أكثر من ثلث الدول، بما في ذلك الصين، والولايات المتحدة، وألمانيا، والسعودية، مرشحة لتسجيل مستويات ديون أعلى في 2025 مقارنة بـ 2024. وتمثل هذه الاقتصادات ما يقرب من 75% من الناتج العالمي، ما يبرز خطورة الوضع الراهن.
نمو إيجابي للاقتصاد المصري وسط تقلبات الأسواق
في المقابل، أشار رئيس الوزراء إلى أن مصر تشهد تحسنًا نسبيًا في مؤشرات الأداء الاقتصادي مقارنة بالعديد من الاقتصادات الناشئة. فقد رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 3.8% في 2025، و4.2% في 2026، مع تطلع للوصول إلى 5.5% بحلول 2030.
وأرجع مدبولي هذا التحسن إلى التزام الحكومة بسياسة سعر صرف مرنة، ساعدت على استقرار السوق وسط تقلبات الأسواق المالية العالمية وارتفاع التعريفات الجمركية الأميركية، والتي أثرت سلبًا على تدفقات رؤوس الأموال في عدد من الأسواق الناشئة.
خطة طموحة لإصلاح الدين العام
وفي خطوة استباقية لتفادي الانزلاق في مسار تصاعدي للديون كما هو متوقع عالميًا، أعلنت الحكومة عن خطة شاملة تهدف إلى تقليص الدين العام. وتشمل هذه الخطة:
- توسيع القاعدة الضريبية من خلال إصلاحات ضريبية متكاملة.
- تيسير الإجراءات على الممولين لدعم الامتثال الطوعي.
- تحقيق فائض أولي مستدام رغم الضغوط الخارجية، حيث بلغ الفائض 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر التسعة الماضية.
وقد أسهمت تلك الإصلاحات في تحقيق نمو غير مسبوق في الإيرادات الضريبية بنسبة 38%، حتى في ظل انخفاض إيرادات قناة السويس بسبب الظروف الجيوسياسية.
رسالة طمأنة وسط تقلبات الاقتصاد العالمي
أكد مدبولي أن الحكومة ملتزمة باتخاذ خطوات متوازنة للحد من الدين العام دون التأثير على النمو الاقتصادي. وأضاف أن المضي قدمًا في الإصلاحات المالية سيمنح مصر مرونة أكبر في مواجهة الصدمات المستقبلية، ويعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في الاقتصاد المصري.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه الأسواق الناشئة موجة من إعادة الهيكلة المالية والبحث عن حلول لتخفيف الأعباء المالية، وهو ما يعزز أهمية تحركات مصر المبكرة في هذا المسار.
ختامًا: نحو اقتصاد أكثر توازنًا واستدامة
تعكس الخطة الحكومية المصرية لخفض نسبة الدين العام نهجًا واعيًا بالتحولات الاقتصادية العالمية، مع مراعاة التوازن بين الإصلاح والاستقرار. ويُنتظر أن تثمر هذه الجهود عن تحسين بيئة الاستثمار وتخفيف الضغوط على المالية العامة، بما يدعم أهداف التنمية الشاملة في مصر خلال السنوات المقبلة.