المغرب يعيد فتح سفارته في دمشق .. خطوة لتعزيز العلاقات الثنائية مع سوريا

في تطور دبلوماسي لافت يعكس تغيرًا في السياسة الخارجية المغربية تجاه الملف السوري، أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس عن قرار إعادة فتح سفارة المملكة المغربية في دمشق، بعد أكثر من عقد من إغلاقها منذ عام 2012. جاء الإعلان في رسالة رسمية وجّهها الملك إلى القمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة في العاصمة العراقية بغداد، وتلاها وزير الخارجية ناصر بوريطة نيابةً عنه.

خلفيات القرار.. قطيعة دبلوماسية دامت 13 عامًا

كانت العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وسوريا قد توقفت رسميًا في يوليو 2012 على خلفية تطورات الأزمة السورية آنذاك. وقتها، طلبت الرباط من السفير السوري مغادرة أراضيها، واعتبرته “شخصًا غير مرغوب فيه”، وردت دمشق بالمثل تجاه السفير المغربي.

هذا التوتر جاء في سياق إدانة المملكة لما وصفته بالنهج القمعي للنظام السوري تجاه مطالب الشعب، لا سيما بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية التي تحولت لاحقًا إلى صراع مسلح.

رسالة العاهل المغربي: دعم ثابت للشعب السوري

في كلمته للقمة العربية، شدد الملك محمد السادس على تمسك بلاده بـ”موقفها التاريخي الثابت” الداعم لتطلعات الشعب السوري في الحرية والاستقرار والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته الوطنية.

وأضاف: “تجسيدًا لهذا الموقف إزاء أشقائنا في سوريا، ودعمًا لهذا المسار الواعد، فإن المملكة المغربية قررت إعادة فتح سفارتها بدمشق”.

المغرب يعيد فتح سفارته في دمشق .. خطوة لتعزيز العلاقات الثنائية مع سوريا
المغرب يعيد فتح سفارته في دمشق .. خطوة لتعزيز العلاقات الثنائية مع سوريا

مغزى القرار المغربي في السياق العربي والإقليمي

يمثل قرار المغرب جزءًا من موجة تقارب عربية مع النظام السوري، بعد سنوات من العزلة السياسية. فقد سبقته خطوات مماثلة من عدة دول عربية أعادت علاقاتها مع دمشق، أبرزها الإمارات والسعودية، وذلك في إطار توجه جديد نحو استعادة سوريا لمكانتها داخل المنظومة العربية.

وتأتي هذه الخطوة بالتوازي مع الدعوات لإعادة دمج سوريا في الجامعة العربية وتعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية، مثل مكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار.

آفاق مستقبلية للعلاقات المغربية السورية

وفقًا لما أكده الملك محمد السادس، فإن إعادة فتح السفارة المغربية في دمشق لا تمثل فقط بادرة دبلوماسية رمزية، بل تهدف أيضًا إلى “فتح آفاق أوسع للعلاقات الثنائية التاريخية” بين البلدين، بما يسهم في تعزيز التعاون في مختلف المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية.

ومن المتوقع أن يفتح هذا القرار الباب أمام تطوير التبادل الدبلوماسي، والتنسيق في الملفات الإقليمية، وربما إعادة تفعيل اتفاقيات التعاون الموقعة في العقود السابقة.

الموقف المغربي ضمن خارطة السياسة الخارجية المتوازنة

يعكس هذا القرار سعي الرباط إلى اتباع سياسة خارجية مرنة وواقعية، تجمع بين دعم استقرار الشعوب العربية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وبين الحفاظ على مصالح المملكة الجيوسياسية في المنطقة.

كما يُفسر هذا التوجه في ضوء دعم المغرب لوحدة الأراضي السورية، ورفضه لأي مشاريع تقسيم أو انتهاك للسيادة الوطنية للدول العربية.

خلاصة: خطوة استراتيجية بمضامين أعمق

إعادة فتح السفارة المغربية في دمشق لا تمثل فقط عودة دبلوماسية، بل تعكس رغبة سياسية في تجاوز مرحلة الجمود والانخراط في حل سياسي شامل للأزمة السورية، يستند إلى احترام إرادة الشعب السوري، ويدفع نحو إعادة بناء علاقات عربية-عربية أكثر تماسكًا في وجه الأزمات الإقليمية المتلاحقة.