الصحة في قلب المناخ .. دعوة مصرية لاستجابة عالمية منسقة
في ظل التحديات المتزايدة لتغير المناخ وتأثيراته على صحة الإنسان، أكدت وزارة الصحة والسكان المصرية أن الوقت قد حان لتغيير النظرة التقليدية نحو المناخ، والاعتراف به كقضية صحية بالدرجة الأولى. جاء ذلك خلال جلسة رفيعة المستوى بعنوان «الصحة والمناخ»، نظمتها الوزارة استعدادًا لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP30 المزمع عقده في البرازيل نوفمبر المقبل.
الربط بين المناخ والصحة: لماذا أصبح ضروريًا؟
مع تزايد حدة الكوارث البيئية وارتفاع معدلات الأمراض المرتبطة بالتلوث وارتفاع درجات الحرارة، أصبح من الضروري دمج اعتبارات الصحة العامة في كافة سياسات التغير المناخي. هذا ما أكد عليه الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، مشيرًا إلى أن الجلسة سلطت الضوء على أهمية تكامل السياسات الصحية والمناخية عالميًا لضمان استدامة النظم الصحية ورفع جاهزيتها أمام الأزمات البيئية المستقبلية.
أبرز التحديات الصحية المرتبطة بتغير المناخ:
- زيادة الأمراض المنقولة بالنواقل مثل حمى الضنك والملاريا.
- ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي نتيجة تلوث الهواء.
- أزمات الأمن الغذائي وسوء التغذية الناتجة عن اضطرابات المناخ.
- ارتفاع نسب الوفيات الناتجة عن موجات الحر والجفاف.
دور مصر في القيادة الصحية المناخية
من جانبها، شددت الدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة، على أن هذه الجلسة تمثل نقطة تحول نحو تضمين الصحة في الخطط المناخية الاستراتيجية، ليس فقط على المستوى الوطني، بل ضمن أجندة العمل الدولي. وأشارت إلى أن مصر تبنت خطوات متقدمة في هذا الاتجاه، مثل:
- تطوير استراتيجيات وطنية لدمج المناخ في خطط الرعاية الصحية.
- تعزيز جاهزية القطاع الصحي للاستجابة للكوارث البيئية والطوارئ المناخية.
- التركيز على العدالة الصحية وضمان وصول الخدمات الصحية للمجتمعات الهشة.
الرسائل الأساسية من الجلسة: ما الذي يجب أن يحدث؟
في ظل المشاركة الدولية الواسعة من ممثلين عن حكومات مصر، المملكة المتحدة، والبرازيل، خرجت الجلسة بمجموعة من الرسائل المحورية، أهمها:
- الاعتراف الرسمي بأن المناخ قضية صحية تتطلب استجابة عالمية منسقة.
- ضرورة دمج البعد الصحي في كل سياسات التكيف مع التغير المناخي.
- تشجيع تبادل الخبرات بين الدول في مجال المرونة الصحية البيئية.
خطوة نحو مستقبل صحي ومناخي أكثر مرونة
المتحدثون خلال الجلسة أكدوا على ضرورة تبني نماذج عمل جديدة تضع صحة الإنسان في قلب كل السياسات المناخية. وشددوا على أهمية الحوكمة والمشاركة المجتمعية كركائز أساسية لتعزيز قدرة المجتمعات على التكيف مع التغيرات البيئية المعقدة. كما نوهت الدكتورة عبلة الألفي إلى أن تعزيز أنظمة الطوارئ الصحية وتدريب الكوادر الطبية على التعامل مع الأزمات المناخية أصبح ضرورة لا ترفًا.
نحو COP30: الفرصة الذهبية لإعادة صياغة السياسات
تعتبر الجلسة خطوة تمهيدية مهمة للمشاركة المصرية في قمة COP30، التي من المتوقع أن تشهد تحولات جوهرية في علاقة الصحة بالمناخ ضمن أجندة العمل الدولي. إذ تسعى مصر لأن تكون صوتًا قويًا في الدفاع عن حق المجتمعات النامية في الحصول على نظم صحية مرنة وقادرة على مواجهة آثار المناخ.
وبحسب وزارة الصحة، فإن التنسيق مستمر مع المنظمات الدولية والدول الصديقة لتعزيز التمويل المناخي الصحي وتوسيع نطاق البرامج الموجهة لبناء أنظمة صحية مستدامة.
إن تغير المناخ لم يعد مجرد تهديد بيئي بل تحول إلى تحدٍّ صحي عالمي، يتطلب تنسيقًا دوليًا عاجلاً وشاملاً. وعلى الحكومات دمج اعتبارات الصحة في صلب استراتيجياتها المناخية، لضمان مستقبل صحي مستدام للأجيال القادمة. وفي هذا الإطار، تبرز مصر كنموذج رائد في الربط بين الصحة والبيئة، مؤكدة أن الوقاية تبدأ من السياسات، والتغيير يبدأ من الآن.