أردوغان والشرع يناقشان خطوات استراتيجية لإعادة إعمار سوريا وتعزيز العلاقات الثنائية

في تحرك دبلوماسي جديد يُشير إلى تغيرات ملموسة في المشهد الإقليمي، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره السوري أحمد الشرع في مدينة إسطنبول، حيث ناقش الطرفان مجموعة من الملفات الجوهرية التي تهدف إلى إعادة بناء العلاقات الثنائية، وتوفير أساس مشترك للتعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين، مع التركيز بشكل خاص على قضايا الأمن وإعادة الإعمار في سوريا.

محور اللقاء: الأمن والاستقرار وإعادة الإعمار

ركزت المحادثات بين الجانبين على ضرورة استعادة الأمن والاستقرار في سوريا، والتصدي لأي تهديدات تمس وحدة أراضيها. أكد أردوغان خلال الاجتماع دعم تركيا الكامل لوحدة سوريا وسيادتها، مشددًا على أن الاستقرار الإقليمي لا يمكن تحقيقه دون حل جذري وشامل للأزمة السورية، يشمل الجوانب السياسية والإنسانية والتنموية.

كما ناقش الجانبان سبل تطوير التعاون في ملفات إعادة الإعمار، حيث تسعى تركيا إلى المساهمة بشكل فاعل في مشاريع البنية التحتية والقطاعات الحيوية داخل سوريا، وفق آليات شفافة وشراكات مدروسة تضمن تحقيق أثر طويل الأمد على مستوى التنمية المستدامة.

خطة لتأهيل الجيش السوري الجديد

من أبرز النقاط التي طُرحت خلال اللقاء إمكانية توقيع اتفاقيات تعاون تتضمن تدريب الجيش السوري الجديد، وهو ما يعكس رغبة تركيا في لعب دور داعم في بناء مؤسسات الدولة السورية على أسس مهنية، بعيدًا عن الانقسامات السياسية أو الطائفية. وأشار مراقبون إلى أن هذا المقترح، إن نُفذ، قد يشكل نقطة تحول في ميزان القوى داخل سوريا.

التعاون التجاري والاقتصادي: فرصة لتكامل إقليمي

على الصعيد الاقتصادي، استعرض الرئيسان فرص تعزيز التبادل التجاري، وفتح أسواق جديدة للبضائع السورية والتركية. ويجري حالياً التباحث حول حزمة من التسهيلات الجمركية والاستثمارية، خصوصًا في المناطق الحدودية، مما يعزز التكامل الاقتصادي ويخلق بيئة مستقرة تساعد في عودة النشاط الإنتاجي والصناعي إلى سوريا.

عودة اللاجئين السوريين: خطوات تدريجية وآمنة

تناول اللقاء ملف اللاجئين السوريين في تركيا والدول المجاورة، وركز النقاش على تطوير آلية لعودة طوعية وآمنة لهم. شدد الطرفان على أن هذه العملية يجب أن تكون خاضعة للرقابة الدولية، وتترافق مع تحسينات حقيقية في البنية التحتية والخدمات في المناطق المستهدفة بالعودة.

أردوغان والشرع يناقشان خطوات استراتيجية لإعادة إعمار سوريا وتعزيز العلاقات الثنائية
أردوغان والشرع يناقشان خطوات استراتيجية لإعادة إعمار سوريا وتعزيز العلاقات الثنائية

 

وتُشير التقديرات إلى أن تركيا تستضيف نحو 3.6 مليون لاجئ سوري، وهو ما يجعل هذا الملف من القضايا ذات الأولوية في العلاقات الثنائية بين البلدين.

الموقف من العقوبات الدولية على سوريا

أكد الطرفان خلال المحادثات ضرورة مراجعة منظومة العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، لا سيما تلك التي تعرقل جهود إعادة الإعمار وتؤثر بشكل مباشر على معيشة المواطنين السوريين. واعتبر أردوغان أن رفع هذه العقوبات يجب أن يكون جزءًا من أي تسوية سياسية شاملة تحظى بدعم دولي.

زيارة تعكس تحولًا دبلوماسيًا مهمًا

تأتي هذه الزيارة في أعقاب لقاء سابق جمع الشرع بمسؤولين أتراك في فبراير 2025، وهو ما يؤشر إلى تطور تدريجي في العلاقات بين أنقرة ودمشق بعد سنوات من التوترات الحادة. ويُتوقع أن تستمر هذه اللقاءات على مستوى القادة والخبراء في الأشهر القادمة، ضمن خارطة طريق لإعادة الثقة المتبادلة.

خلاصة وتوقعات مستقبلية

تعكس المحادثات بين أردوغان والشرع رغبة مشتركة في طي صفحة الماضي، والانطلاق نحو مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي المتوازن. ومع بروز تحديات جديدة على الساحة الجيوسياسية، قد يكون تقارب أنقرة ودمشق بداية لإعادة صياغة التوازنات في الشرق الأوسط، خاصة إذا نجحت هذه اللقاءات في تحويل التفاهمات إلى خطوات عملية ملموسة.

يبقى السؤال المطروح: هل سيكون هذا التقارب مستدامًا، أم سيصطدم بعقبات داخلية وخارجية تعيق تنفيذه؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.