موقف إسبانيا الحازم تجاه العدوان على غزة .. رسالة سياسية وإنسانية
في ظل تصاعد الأعمال العسكرية والانتهاكات ضد المدنيين في قطاع غزة، خرج رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بتصريحات جريئة تعكس موقف بلاده الثابت والرافض لما يجري من ممارسات وصفها بأنها “غير مقبولة إطلاقًا”.
لم تكن هذه التصريحات مجرد إدانة عابرة، بل جاءت لتوضح حجم القلق الأوروبي المتزايد تجاه الكارثة الإنسانية التي تتفاقم يومًا بعد يوم في غزة، حيث تتعرض البنية التحتية للتدمير المتكرر وتُحرم العائلات من أبسط مقومات الحياة.
تصريحات سانشيز: رفض قاطع وانحياز للقانون الدولي
قال سانشيز في مؤتمر صحفي عقده بمدريد: “اللامبالاة لم تعد خيارًا. على المجتمع الدولي أن يتحرك أمام ما يحدث في غزة من خرق سافر للقانون الدولي الإنساني.”
وأكد أن إسبانيا لن تلتزم الصمت إزاء ما يتعرض له المدنيون الفلسطينيون من قصف واستهداف ممنهج، بل ستستمر في التحرك دبلوماسيًا وإعلاميًا لفضح هذه الانتهاكات والمطالبة بتدخل دولي حازم لوقف العنف وحماية الأبرياء.
دعم متجدد لحل الدولتين كخيار استراتيجي
جدد رئيس الوزراء الإسباني دعم بلاده الكامل للحل السياسي القائم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل، معتبرًا أن ذلك هو “السبيل الوحيد لضمان سلام دائم وعدالة تاريخية للمنطقة بأسرها”.
ويأتي هذا الموقف في وقت تتزايد فيه المطالب الدولية بإعادة فتح آفاق الحل السياسي، بعد تعثر طويل عمّق من الأزمة وأفقد الفلسطينيين الأمل في مستقبل يضمن كرامتهم وحقوقهم.
موقع إسبانيا في المشهد الأوروبي والدولي
تُعد إسبانيا من الدول الأوروبية القليلة التي تبنّت موقفًا متقدمًا وواضحًا في دعم القضية الفلسطينية خلال الأشهر الأخيرة، إذ اتخذت عدة خطوات دبلوماسية تهدف إلى الضغط على الأطراف المعنية لوقف التصعيد، كما ساهمت في إرسال مساعدات إنسانية إلى القطاع المحاصر.
في نوفمبر الماضي، أعلنت الحكومة الإسبانية نيتها رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق مع منظمات الإغاثة العاملة في غزة لضمان وصول المساعدات للمحتاجين.
رسالة سياسية وإنسانية للعالم
يعكس خطاب سانشيز الأخير محاولة لإعادة توجيه بوصلة المجتمع الدولي نحو معاناة المدنيين، وتذكير العالم بأن تجاهل الأزمات الإنسانية الكبرى يُعد تواطؤًا صامتًا، لا يقل خطورة عن ارتكاب الجريمة نفسها.
وفي ظل استمرار العدوان، تصبح هذه التصريحات خطوة في اتجاه تفعيل الآليات الدولية لفرض وقف فوري لإطلاق النار، وتفعيل لجان تحقيق في جرائم الحرب المحتملة، والدفع نحو مفاوضات حقيقية تعيد الاعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني.
إسبانيا كصوت أوروبي مناصر للعدالة
في وقت تشهد فيه أوروبا انقسامات في المواقف تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، تتبنى إسبانيا نهجًا أكثر إنصافًا واتزانًا، يدعو لاحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي، ويشكل مثالًا يُحتذى به داخل الاتحاد الأوروبي.
يبقى السؤال الآن: هل تنجح هذه الجهود في كسر دائرة العنف؟ أم أن الأمر بحاجة إلى تكتل أوسع يضم قوى دولية مؤثرة لتطبيق حل سياسي شامل يضع حدًا للمأساة المتجددة في غزة؟
تؤكد تصريحات رئيس الوزراء الإسباني أن صوت العدالة لا يزال حاضرًا في الساحة الدولية، وأن معاناة غزة ليست منسية. ويبقى الأمل معقودًا على خطوات عملية تترجم هذه المواقف إلى تحرك جماعي ينهي النزيف الإنساني ويوصل الفلسطينيين إلى ما يستحقونه من حرية وسلام.