في خطوة مفاجئة تهدف إلى مواجهة التكدس المروري وتحقيق الانضباط في منظومة النقل، أعلنت وزارة الداخلية الكويتية عن حملة غير مسبوقة لسحب وإلغاء عشرات الآلاف من رخص القيادة الصادرة للوافدين. وجاء هذا الإعلان ضمن إجراءات تنظيمية جديدة تقودها لجنة خاصة شُكلت بموجب القرار الوزاري رقم 277 لسنة 2023، في إطار مراجعة شاملة لمطابقة الرخص مع الضوابط المحددة مسبقًا في القرار 270 لسنة 2020.
إلغاء أكثر من 66,000 رخصة قيادة بسبب مغادرة أو وفاة أصحابها
بحسب ما كشفته صحيفة “الجريدة” المحلية، فإن اللجنة الفنية اكتشفت وجود 66,584 رخصة قيادة لا تزال سارية رغم أن أصحابها لم يعودوا متواجدين في البلاد، إما بسبب السفر النهائي أو الوفاة. وبناءً عليه، اتخذت وزارة الداخلية قرارًا بإلغاء هذه التراخيص فورًا، مع التنويه بأن أي وافد سيعود لاحقًا للكويت سيكون ملزمًا باستخراج رخصة جديدة من الصفر وفق الاشتراطات المحدثة.
الرخص المهددة بالإلغاء تتجاوز 300 ألف رخصة
لم تتوقف الحملة عند هذا الحد، إذ تتجه الوزارة لإلغاء ما يقارب 300 ألف رخصة قيادة إضافية، تعود لمقيمين لا يحملون مؤهلًا جامعيًا، أو تقل رواتبهم عن 600 دينار كويتي شهريًا. وتشير المصادر إلى أن هذه الرخص قد تُمنع من الاستخدام أو التجديد، مع فرض “بلوك مروري” يمنع التعامل بها بأثر رجعي، دون إشعار مسبق للمستفيدين منها.
انتقادات محلية ودولية: هل هناك شبهة تمييز؟
واجهت هذه السياسات الجديدة موجة من الانتقادات، حيث اعتبرها البعض تمييزية وتمس شريحة واسعة من المقيمين الذين يشكلون العمود الفقري لسوق العمل الكويتي. وأكد ناشطون حقوقيون ومراقبون أن مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى خلل في قطاعات تعتمد بشكل أساسي على العمالة الوافدة، فضلًا عن انعكاساتها السلبية على النسيج الاجتماعي والتوازن السكاني في البلاد. الكويت تصعّد إجراءاتها المرورية بإلغاء جماعي لرخص القيادة الخاصة بالوافدين..ما التفاصيل؟
ليست الأولى من نوعها: عودة لسياسات قديمة بصيغة أشد
اللافت أن هذه القرارات ليست جديدة تمامًا، فقد سبق أن طُرحت سياسة مشابهة في عام 2021 خلال تولي الفريق فيصل النواف لمهام وزارة الداخلية، إلا أنها لم تُنفذ حينها بهذا الشكل الواسع. يبدو الآن أن الوزارة اختارت تطبيق تلك السياسة لكن بصيغة أكثر شمولًا وصرامة، مستندة إلى ضغوط البنية التحتية ومشكلات المرور المتزايدة.
من المتأثر الأكبر بهذه الحملة؟
تُشير بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية إلى أن سكان الكويت يبلغ عددهم 4.46 ملايين نسمة، منهم حوالي 3 ملايين وافد. وتشكل الجالية الهندية النسبة الأكبر بـ19%، تليها المصرية بـ14%، بالإضافة إلى جنسيات أخرى مثل البنغالية والفلبينية. وبذلك، فإن أي تغييرات تخص رخص القيادة ستؤثر على شريحة كبيرة من المجتمع الوافد.
هل تُحل الأزمة المرورية بهذا الشكل؟
بينما تُبرر الداخلية الكويتية قراراتها بالضغط المروري الهائل، يرى مختصون أن الحل الجذري لا يكمن في سحب الرخص فقط، بل في تطبيق رؤية مرورية شاملة تشمل تطوير البنية التحتية، وتوسيع شبكة النقل العام، وتقديم حوافز لتقليل الاعتماد على المركبات الخاصة.
خلاصة القول
تشكل هذه الحملة المرورية الكبرى في الكويت نقطة تحول في سياسة تنظيم الرخص، ويبدو أنها ستستمر في التأثير على حياة مئات الآلاف من الوافدين. وبينما تبقى النوايا المعلنة تحسين الأوضاع المرورية، يبقى التحدي الأكبر هو الموازنة بين التنظيم والانصاف، والتأكد من أن الحلول المطروحة لا تُلحق الضرر بالحقوق المكتسبة أو تساهم في خلق فجوات جديدة في سوق العمل المحلي.